أخطاء سلفية وإخوانية
أخطأ دعاة مظاهرات 28 نوفمبر خطأً جديدا يفقدهم مصداقية الدفاع عن كل مصر وكل شعب مصر، عندما أعادوا إحياء شعار "الاسلام هو الحل" بطريقة جديدة تحت شعار "ثورة الشباب المسلم"، ضاربين عرض الحائط بمصر "الوحدة الوطنية"، ومصر "كل الشعب"، ومصر "الفرعونية الاسلامية العربية القبطية".
توقيت الدعوة للمظاهرات، خطأ كبير في علوم الإدارة السياسية، للأزمات، فلاشك أن ما يُسمى بتحالف دعم الشرعية في أزمة حقيقية، فبعد سنة وأربعة أشهر و28 يوما من موجة 30 يونيو الثورية لتصحيح مسار ثورة 25 يناير، فشلت كل محاولات الاخوان في اكتساب أرضية جديدة، فقد جاء التوقيت في وقت تتسع فيه رغبة الناس نحو الاستقرار وتجاوز الأزمات الاقتصادية الراهنة، والرغبة في بلد اكثر هدوءً.
وعلى عكس من أن يستفيد تيار الاسلام السياسي حول الاخوان وأنصارها، من التطورات السياسية الراهنة، ووجود حالة سياسية جديدة في المجتمع المصري، تتبلور بسرعة في تكوين معارضة وطنية جديدة، والاستفادة منها، والتعامل معها على أرضية وطنية، بدلا من ذلك لجأ ما تُدعى بالجبهة السفلية، وبدعم وموافقة إخوانية، على إختيار طريق تقسيم الوطن مرة أخرى بين "شباب مسلم" ثوري و"شباب مسلم" غير ثوري، و"شباب مصري غير مسلم".
ويبدوا أن ذاكرة هؤلاء ضعيفة مثل "ذاكرة السمك" وربما أضعف، ونسوا أن ثورة 25 يناير ، لم تقم على شعارات دينية، وإعتمدت على شعارات ومبادئ إجتماعية وإقتصادية، وسياسية، وجمعت كل الشعب، مسلميه ومسيحييه، دون تفرقة، وشعب بكل، ليبرالييه ويسارييه ووسطييه، وأسقطت نظام مبارك بعد 30 عاما من الحكم.
محاولات تعطيل الحياة العامة بارتكاب أعمال عنف، وزرع قنابل هنا وهناك، تصيب مدنين، أفقدت ما يسمى بـ "تحالف دعم الشرعية" العديد من مناصريه، والمتعاطفين معه، وتقلص عدد المشاركين في الاحتجاجات، ومددها الزمنية، ولمست هذا عن قرب، فاحدى الاحتجاجات لم تسمتر خمس دقائق في أحد شوارع منطقة الهرم.
وجاءت تجربة 28 نوفمبر لترسخ هذا المفهوم، فبعيدا عن التكثيف الأمنى، الذي لم يحول دون مظاهرات 25 يناير، الا أن الثابت ومن خلال وسائل الاعلام غير المصرية بشكل أساسي، أن فكرة "المليونيات" أو "المليونية" مجرد خيال في ذهن دعاة يوم "28 نوفمبر"، وما سبقها.
وأخطر ما في يوم "الفتنة"، الدعوة الى رفع "المصاحف"، وهو ما أفقد الدعوة مصداقيتها، حتى بين الجماعة الاسلامية الحليف الرئيسي للاخوان، وبين العديد من تنظيمات السلفيين، لتفرض عليهم عزلة أكثر مما يعيشونها.
أما القول بأن أحداث 28 يناير هي تغيير في مفاهيم الحراك السياسي، فهذا صحيح، ولكن في ترسيخ مفهوم "الفتنة"، وهو ما سيصيب "التحالف" في مقتل، ومزيدا من فقدان المصداقية.
فرصة:
جاء تقرير لجنة تقصى الحقائق في أحداث فض إعتصامي "رابعة" و"النهضة" ليس ليضع نهاية للأحدات تلت موجة 30 يونيو، وحتى يوم الفض، بل ليضع نهجا قانونيا للتعامل مع هذه الحدث، ووفقا لما أعلنه رئيس اللجنة وأمينها العام، فهي تتيح فرصة أمام جماعة الاخوان، التي غابت رؤى قادتها عن شهادات التقرير، لتقدم معلوماتها.
فهل تستفيد من هذه الفرصة، لتقدم شيئا جديدا للرأي العام، فهل تفعلها؟! .. أشك




0 التعليقات